في ظل تصاعد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، تواجه شركات السيارات الأوروبية تحديًا كبيرًا قد يهدد وجودها في أحد أكبر أسواقها العالمية. إذ اقترح الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب فرض رسوم جمركية بنسبة 50% على جميع الواردات القادمة من الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك السيارات وقطع الغيار. وإذا لم يتم التوصل إلى تسوية في الأيام المقبلة، فإن هذه الرسوم ستدخل حيز التنفيذ في الأول من يونيو 2025.
فولفو أول المتأثرين: مستقبل غامض لطراز EX30
من بين أولى الشركات التي أبدت قلقها، شركة فولفو السويدية، التي تعتمد بشكل كبير على السوق الأمريكية لتسويق سيارتها الكهربائية الصغيرة EX30. كان من المخطط طرح السيارة بسعر تنافسي يبلغ 35,000 دولار أمريكي، لكن السعر الحالي ارتفع إلى 44,900 دولار دون احتساب رسوم الشحن، ما يجعل الرسوم الجمركية الجديدة تهديدًا حقيقيًا لمبيعاتها.
وصرح هاكان سامويلسون، الرئيس التنفيذي لفولفو، بأن فرض رسوم بنسبة 50% على السيارات الأوروبية المستوردة إلى الولايات المتحدة سيجعل من “شبه المستحيل” بيع EX30 هناك. وأضاف: “هذا القرار يُقوّض استراتيجيتنا بالكامل، خاصة وأننا نقلنا الإنتاج من الصين إلى بلجيكا للتماشي مع سياسات التجارة الأمريكية السابقة.”
أوروبا في مرمى النيران
الرئيس ترامب، عبر منصته “تروث سوشيال”، اتهم الاتحاد الأوروبي بممارسات تجارية غير عادلة، وادّعى أن العجز التجاري الأمريكي مع أوروبا يبلغ نحو 250 مليار دولار سنويًا. وذكر أن المفاوضات الجارية لم تُسفر عن نتائج ملموسة، الأمر الذي دفعه للدعوة إلى فرض رسوم شاملة للرد على ما وصفه بـ “الاستغلال الأوروبي المستمر”.
تداعيات اقتصادية واسعة
إلى جانب فولفو، ستتأثر العديد من شركات السيارات الأوروبية مثل BMW، ومرسيدس، وفولكس فاجن، وأودي، وبورش، والتي تعتمد على السوق الأمريكي كمصدر رئيسي للإيرادات. كما أن قطع الغيار الأوروبية تُشكّل جزءًا كبيرًا من واردات الصيانة في السوق الأمريكية، ما قد يرفع من كلفة الصيانة على المستهلك الأمريكي نفسه.
ويحذر محللون اقتصاديون من أن تنفيذ هذا القرار سيُشعل حربًا تجارية جديدة بين الجانبين، خصوصًا وأن الاتحاد الأوروبي لا يزال ثاني أكبر شريك تجاري للولايات المتحدة، بعد الصين. وتشمل صادرات أوروبا إلى أمريكا أيضًا الأدوية والآلات الصناعية، ما يعني أن التأثير لن يقتصر على قطاع السيارات فقط.
التفاؤل الحذر والبحث عن تسوية
ورغم حدة التصريحات، لا تزال هناك آمال في التوصل إلى اتفاق يُجنّب الطرفين الدخول في دوامة من العقوبات المتبادلة. وتشير بعض المصادر إلى أن المفاوضات الدبلوماسية مستمرة خلف الكواليس، خاصة مع تجارب سابقة مشابهة، مثل الاتفاق المؤقت بين واشنطن وبكين لخفض الرسوم الجمركية في 2024.
وقد أعرب سامويلسون عن أمله في “أن يغلب المنطق على التصعيد”، مشددًا على أن أي رسوم إضافية ستُؤدي إلى عواقب وخيمة على المستهلكين الأمريكيين، كما على الاقتصاد الأوروبي.
تصاعدت وتيرة المخاوف بين شركات السيارات الأوروبية مع اقتراب موعد تطبيق رسوم جمركية أمريكية بنسبة 50% على واردات الاتحاد الأوروبي. وبينما يهدد هذا القرار بوقف مبيعات سيارات مثل فولفو EX30 في السوق الأمريكية، تُتابع الشركات والمحللون بترقّب ما ستسفر عنه الأيام القليلة القادمة. فإما تسوية تُجنّب الطرفين الخسائر، أو صدام اقتصادي ستكون له تبعات عالمية.